قصص

قصه صواف

بعد ما بصيت على زياد واتأكدت إنه نام، خرجت من الأوضة واتمشيت في الطُرقة لحد ما وصلت عند الكراسي، قعدت وطلعت سيجارة وانا ببص لباب الأوضة اللي قدامي.. وقتها الباب اتفتح وخرج منه راجل عجوز.. تقريبًا في الستينات او السبيعنات، كان لابس جاكيت وكوفية وفي إيده عكاز، ابتسم لي، ف ابتسمتله.. قعد جنبي وبص للسيجارة اللي كنت ماسكها بين صوابعي ولسه ماولعتهاش..
-مُضرة بالصحة.. حاول تبطلها يا ابني.
ابتسمت ابتسامة مليانة حزن وانا برد عليه..
-قال ايه اللي رماك ع المر!
-وايه اللي أمر منه؟!
لما قال لي كده سرحت لثواني، سكتت، مابقتش عارف اقوله ايه ولا ايه.. اصل المُر في حياتي كتير.. قطع سرحاني صوته لما قالي..
-شكلك شايل ومعبي.. انا عمك محمد صواف، طول عمرهم الناس بيقولوا لي ياصواف.. جاي المستشفى هنا مع صاحبي اللي في الأوضة دي، وانت؟!
-مصطفى.. جاي مع الطفل زياد اللي في الأوضة اللي في أخر الطُرقة.
-وزياد ده.. يبقى ابنك؟!
رجعت راسي لورا وكأني برمي همومي على الحيطة اللي ورايا، كنت عامل زي الساكت اللي مستني بس حد يفتح معاه كلام عشان يفضفض، وبالفعل ابتديت اتكلم..
-لا.. زياد يبقى ابن اخويا، اصل انا المسؤول عنه هو واخواته الاتنين من بعد موت اخويا ومراته.. ماهو احنا كنا اتنين اخوات، انا ومحمود، هو اكبر مني بعشر سنين، يعني لو كان عايش لدلوقتي، كان هيبقى عنده ٣٦ سنة.. محمود اخويا كان بيحب مراته اوي، خلف منها ٣ صبيان.. زياد اللي دلوقتي عنده ١٠ سنين، وعُمر اللي عنده ٨ سنين، وخالد ٥.. ومن حوالي سنتين، محمود عمل حادثة ومات هو ومراته، ولأن الولاد مالهمش حد غيري انا وجدتهم ام امهم، وخالهم اللي عايش مع جدتهم، فانا خدتهم عشان اربيهم.
-طب وماسيبتهمش لجدتهم ليه؟!
-اسيبهم لمين ياعم صواف.. دي جدتهم عندها ٨٠ سنة، وكمان عايش معاها خال العيال اللي اتكسف اسلم عليه.. اصل خالهم ده راجل فلاتي، مطلق ورامي عياله ومقضيها حشيش وحريم، يعني ببساطة كده، اخاف عالعيال منه، وجدتهم بحكم سنها، محتاجة اللي يرعاها، ودي الأسباب اللي خلتني خدت التلاتة وبقيت مسؤول عنهم، بس من وقت ما خدتهم وانا حياتي اتقلبت.. المرتب مابقاش يقض، وبقيت لا عارف اتجوز ولا عارف اشوف حياتي زي بقية الشباب، ده حتى الشغل بقيت لما بنزله، ببقى قلقان ومتوتر.. انا لولا ام هاجر زميلتي في الشغل، الله يباركلها يعني.. لولا إنها بتاخد بالها من الولاد لما بسيبهم عندها لحد ما برجع، كان زماني قاعد بشحت عليهم.
-طب وماتجوزتش ليه؟!
-اتجوز!.. اتجوز ازاي بس!.. مين دي اللي هترضى بواحد معاه تلات صبيان في رقبته، بس بصراحة وبيني وبينك كده، انا تعبت.. الولاد حمل كبير اوي على كتافي، وعشان كده انا قررت.. انا بعد ما زياد يعمل العملية اللي جاي هنا عشان يعملها، هكلم

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه سرداب الموت (كامله)

رواية الشادر الفصل الثامن

خالهم واخليه يجي ياخدهم، اه.. انا هعمل كده وانا بتقطع من جوايا، بس ربنا وحده يعلم اني حاولت وماعرفتش، انا ماليش غير خالاتي، ودول كل واحدة فيهم بقت تتهرب مني عشان حمل العيال، وبصراحة كده ام هاجر تعبت وبقت تلَمح انها خلاص، تعبت من وجود العيال معاها يوميًا.

لما قولتله كده ابتديت انهار، الدموع نزلت مني غصب عني، حط عم صواف إيده على كتفي وطبطب عليا وهو بيقولي..
-لا يا ابني.. ماتعملش كده، اوعى تغلط غلطة صاحبي اللي انا جاي هنا عشان ابقى مرافق معاه.. اللي جوة الأوضة ده غِلط غلطة عمره؛ كان راجل بخيل.. بخيل في كل حاجة، في الفلوس وفي المشاعر، وحتى في الكلمة الطيبة.. مراته ماقدرتش تستحمله، فطلقها ورماها هي وبنته وابنه، وفضل راميهم وبخلان عليهم بفلوسه وحنانه لحد ما دلوقتي اهو.. مرمي في أوضة في مستشفى، وماحدش من اللي يعرفهم جنبه، ماحدش جنبه غيري انا وبس.. صاحب عمره، اعرفه من زماان.. حاولت ياما اغير فيه، ياما نصحته وكنت في صراع معاه، بس هو ماكنش بيسمع غير لشيطانه، كان خواف.. خاف على فلوسه وعلى مشاعره، وفضل يحوش فيهم لحد ما بقى مريض ووحيد.. وعشان كده ياابني اسمع نصيحتي، انت طيب، ماتعملش اللي يوجع ضميرك، خلي العيال معاك وحاول تشوفلهم حد ياخد باله منهم وانت مش موجود، وبالنسبة للرزق، فربنا هيبعتهولك طالما انت شايل أمانة اخوك على كتافك، ولو على الجواز ياسيدي، فبكرة ربنا يرزقك باللي تقبل بيك زي ما انت.
حسيت براحة لما قال لي كده، وفي لحظة بقيت حاسس إن الفرج هيجي طالما ضميري مرتاح.. بصيتله لثواني بنظرات كلها رضا، بس فجأة قومت من مكاني بسرعة وانا بقوله..
-اوبا.. انا محتاج ادخل الحمام ضروري.
ابتسم هو كمان وهز لي راسه، سيبته ودخلت الحمام اللي كان في اخر الطُرقة، وبعد ما خلصت وخرجت، لاحظت حاجة غريبة في الدور!
ممرضات بتجري ودكاترة بيندهوا لبعض، وفي وسط ده كله، لَفت نظري كلمة دكتور بيجري ناحية أوضة الراجل اللي عم صواف مرافق له..
(بسرعة يا دكاترة.. المريض نبضه وقف)
جريت بسرعة ناحية الأوضة، جريت لأني حسيت إن المريض فعلًا بيموت، وإني لازم في اللحظة دي ابقى جنب عم صواف وقت وفاة صاحب عمره.. بس بمجرد ما وقفت قصاد الأوضة ولمحت المريض، جسمي كله اتخشب..
-ععع.. ععم صواف!
رجعني الدكتور ورا وهو بيقولي بصوت عالي..
-بعد اذنك يا استاذ، ممنوع الوقفة كده..
وقبل ما يكمل كلامه، كان جه صوت دكتور تاني من جوة..
-الحالة ماتت.. الأسم.. محمد صواف، السن.. ٧٥ سنة، ساعة الوفاة، ١ و٣٠ دقيقة صباحًا!
الدنيا في اللحظة دي لَفت بيا، ماكنتش حاسس برجلي، طب لما المريض اللي جوة ده يبقى عم محمد صواف، اومال اللي قعد معايا وكلمني ده يبقى مين!
صدقني مش مهم يبقى مين، المهم كان كلامه.. والأهم إن انا عملت بيه وفضلت مُتمسك بالأولاد، ونتيجة تَمسُكي بيهم إن ربنا كرمني بهاجر لما علاقتنا اتطورت من زمايل واصحاب، لحبايب، ولما صارحتها بحبي، قالتلي إن هي كمان بتحبني، وانها موافقة إننا نتجوز وهتشيل معايا مسؤولية الولاد.. دي حتى والدتها لما اشتكت، ماكانتش بتشتكي من حمل الولاد عشان ماوديهمش عندها تاني، دي كانت بتشتكي لأنها فعلًا ست مريضة وكبيرة في السن.. وكمان وافقت على جوازنا وبقت عايشة معانا، واللي حصل بعد ما زياد عمل عملية اللوز وخرج من المستشفى، وبعد ما صارحت هاجر وصارحتني واتجوزنا.. اللي حصل إن ربنا كرمني واترقيت في شغلي ومرتبي زاد تلات أضعاف، اما هاجر.. ف بقت قاعدة في البيت وبترعى ٤ اولاد.. زياد وعُمر وخالد ولاد اخويا… والولد الرابع اللي يبقى ابننا.. صواف.
تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى